Wednesday, September 18, 2013

Nibras. مدخل إلى تاريخ ورياضيات علم التشفير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا حصة عبدالعزيز المغلوث، طالبة في الصف الثالث الثانوي بمدارس الأنجال، أحب التعلم وخوض تجاربٍ جديدة. هواياتي تتضمن تصفح الإنترنت والقراءة.

الصيف الماضي تغيرت وجهة نظري نحو مادة الرياضيات تمًاما.. أخيرا فهمت فائدة كل تلك الرموز والأرقام التي أتعلمها في المدرسة. تحول منظوري 180 درجة بعدما سنحت لي الفرصة أن أكون جزءًا من برنامج دولي تقيمه مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله، موهبة، في جامعة الأميرة نورة بالرياض بالتعاون مع مركز رعاية الموهبين من جامعة جونز هوبكنز. أمضيت ثلاثة أسابيع وحدي أدرس هناك مادة التعمية، أو كما أفضل أن أسميها التشفير.. 

قبل أن أدخل في تفاصيل ما درسته هناك، أريد أن أحدثكم عن الأناس الذين قابلتهم.. قابلت استاذات ومشرفات.. قابلت طالبات بعمري من مختلف مناطق المملكة ودول الخليج. يسعني أن أقسم بأن كل من قابلته هناك ترك بصمته على شخصي اليوم.. وبطريقة ما ساعدني لأفتح عيني وأعرف ماذا أريد من العالم.. أريد أن أتعلم.. أريد أن أعلم.. أريد أن تقدم لي الفرص، وأريد أن أقدمها لمجتمعي. أريد أن نعيش في مكان أذكى.. مكان أفضل..

من بين 30 طالبة مشاركة في هذا البرنامج لم أكن وحدي التي وجدت الإلهام.. إحدى زميلاتي راودتها فكرة.. وهذه الفكرة هي سبب وقوفي اليوم على هذا المسرح أحدثكم.. زميلتي اسمها سلمى.. لتتخرج سلمى من الثانوية عليها أن تقدم أطروحة لإدارة مدرستها.. مشروع أو دراسة.. ومن هنا انطلقت أكاديمية نبراس، من الطالبات وإلى الطالبات... نتشارك ما تعلمناه في الماضي.. نتعلم في الحاضر.. لِيعلم المستقبل..

لم أكن على وفاق مع مادة الرياضيات في السابق.. كنت أرفض مراجعة ما تعلمته في المدرسة، ظنًا مني أنه ضياع لوقتي الثمين.. واليوم أريد أن أشارك ما تعلمته مع من حولي، فربما يشاركوني اعجابي بهذا المجال. تاريخه العريق وأهميته في حياتنا اليوم.. التقنيات المتبعة كيف تطورت.. كيف نتعلمها

المنهج الذي سأتبعه في الصف مستوحى من كتاب الرمز لسايمون سينك.

يقول جون شادويك في كتابه حل شفرة ب الخطية : "الرغبة في معرفة الأسرار متأصلة عميقًا في طبيعة الإنسان؛ حتى أقل العقول فضولًا  يثار عندما يوعد بمشاركة معلومة كبتت عن الآخرين. البعض محظوظون كفاية ليجدوا وظائف تتألف من حل الألغاز، لكن أغلبنا مجبور على الاستسلام لهذه الرغبة باللجوء لحل الاحجيات الزائفة المصنعة للتسلية. القصص البوليسية أو العاب الكلمات المتقاطعة تلبي رغبة البعض؛ تفكيك الشفرات السرية حرفة الآخرين.

منذ آلاف السنين وقادة الأمم والجيوش معتمدون على التواصل الفعال في قيادة أراضيهم وتوجيه جيوشهم. وفي نفس الوقت جميعهم مدركون لخطورة وقوع رسائلهم في الأيدي الخاطئة، مما قد يؤدي بهم للمعاناة من عواقب وخيمة ككشف أسرار قاتلة للأعداء.

كما يقال الحاجة أم الاختراع، وخوفا من تعرض الأعداء للأسرار اندفعت حركة تطوير الرموز والشفرات.. طرق لتمويه رسالة حتى لا يقرأها إلا المتلقي المقصود. مفككي الشفرات يجدون معانٍ في رموز لا معنى لها. تاريخ الرموز والشفرات هو قصة معركة طالت القرون بين صناع الشفرات ومفككيها. سباق فكري له أُثر درامي على مسار التاريخ.

أتعلمون ما يدهشني؟ قلة عدد الناس المهتمين بمجال التشفير.. خاصة عندما نأخذ بعين الاعتبار أن هذا العلم يلعب دور مهم في أي رواية جاسوسية  أي أحد منا قرأها أو أي فلم. علم قلب الأدوار في حروب.. مثل آلة الأنيقما في الحرب العالمية الثانية. وعندما تدرك أن علم التشفير يشكل جزءًا أساسيًا من هيكل معلوماتنا كل مرة تسدد قسطًا من المال على الإنترنت، أو تنشر صورة مضحكة على فايسبوك. كما يستخدم علم التشفير لأغراض خيرة .. من الممكن أن يستخدم لخدمة الشر. فايروسات الكمبيوتر مثلًا

التشفير ليس علمًا جديدًا.. قادة جيوش الروم استخدموا شفرة سيزر، لتبادلوا المعلومات فيما بينهم. شفرة جدًا بسيطة.. لو مفتاحها كان اثنان يتغير حرف الألف إلى تاء وهكذا. فك هذه الشفرة بسيط جدًا، يمكن إحصاء كل الاحتمالات حتى تجد المفتاح الصحيح. وهناك العديد من الشفرات غيرها سهلة التفكيك ومعقدة التفكيك.. كلها في تطور مستمر. من الرياضيات إلى اللغويات، من نظرية المعلومات إلى النظرية الكمية، صناع الشفرات ومفككيها أضافوا الكثير إلى الثورات التقنية.. أبرز إضافتهم، الحاسوب الحديث.

يقال أن الحرب العالمية الأولى كانت حرب علماء الكيمياء، بسبب استخدام غاز الخردل والكلور لأول مرة. ويقال أن الحرب العالمية الثانية هي حرب علماء الفيزياء بسبب استخدام القنبلة الذرية. والآن يجادل الخبراء حول الحرب العالمية الثالثة قائلين أن حرب علماء الرياضيات.. للدور المهم الذي ستعلبه المعلومات المشفرة.

أخيرا، علم التشفير يعد أهم قواعد هيكل معلوماتنا اليوم، هو حارس خصوصيتك. أتمنى أن شغفي وحديثي اليوم في هذا الموضوع يلهمك لتتعلم أكثر معنا وتبحث في خصائص وأعماق هذا الموضوع الساحر.

في حال كانت لديكم أي أسئلة يمكنكم التواصل معي عن طريق البريد الإلكتروني والشبكات الاجتماعية.

No comments :

Post a Comment